{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
الكهف الآية 18
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكهف الآية 18
وتظن -أيها الناظر- أهل الكهف أيقاظًا، وهم في الواقع نيام، و نتعهدهم بالرعاية، فنُقَلِّبهم حال نومهم مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر؛ لئلا تأكلهم الأرض، وكلبهم الذي صاحَبهم مادٌّ ذراعيه بفناء الكهف، لو عاينتهم لأدبرت عنهم هاربًا، ولَمُلِئَتْ نفسك منهم فزعًا .
تقاربت أقوال المفسرين في أسباب التقليب، وعدد مراته، وكيفيته، ومصدره، وتعليل ذلك، وهو أن تقلبهم كان لجهة اليمين واليسار، والذي يقلبهم هو الله سبحانه، بإرسال ملك لتقلبيهم، وأن التقليب كان مرتين في كل سنة أو في مدة رقدتهم كلها، وعللوا ذلك التقليب بأنه لئلا تأكلهم الأرض.
قال الطبري: «نقلب هؤلاء الفتية في رقدتهم مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر», وقال ابن كثير: « يقلبون في العام مرتين»، ثم أردف قول ابن عباس رضي الله عنه قائلاً: قال ابن عباس: لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض، وأورد القرطبي قولاً لأبي هريرة رضي الله عنه جاء فيه: أن لهم في كل عام تقليبتين وقيل: في كل سنة مرة، وقال مجاهد: في كل سبع سنين مرة وقالت فرقة: إنما قلبوا في التسع الأواخر وأما في الثلاثمائة فلا، وظاهر كلام المفسرين أن التقليب كان من فعل الله ويجوز أن يكون من ملك بأمر الله فيضاف إلى الله تعالى، وجاء في روح المعاني للآلوسي: «أي ننقلهم من عالم إلى عالم، وقال ابن عطاء: نقلبهم في حالتي القبض والبسط والجمع والفرق، وقال آخر: نقلبهم بين الفناء والبقاء والكشف والاحتجاب والاستتار، وقيل في الآية إشارة إلى أنهم في التسليم كالميت في يد الغاسل».
الطب الحديث والتقليب:
لنرى ماذا يقول أصحاب الاختصاص اليوم وبعد مرور أكثر من ألف وأربعمائة سنة على نزول الآية في شأن من نام أكثر من أربع وعشرين ساعة على جهة واحدة بدون تحريك بسبب من الأسباب كأن يكون قد تعرض لكسور كثيرة يصعب معها تحريكه لتفادي تراخي الجبائر وفساد الكسور مرة أخرى، أو فيمن تعرض لأضرار كثيرة نتيجة حادث أو حريق أو غيره.
إن من الإصابات الشائعة والصعبة العلاج التي تعترض الأطباء الممارسين في المشافي هي مشكلة حدوث قرح الفراش Bed Sore عند المرضى الذين تضطرهم حالتهم للبقاء الطويل في السرير كما في كسور الحوض والعمود الفقري أو الشلل أو حالات السبات الطويل، و هى عبارة عن قرحات وتموت في الجلد والأنسجة التي تحت الجلد بسبب نقص التروية الدموية عند بعض مناطق الجلد، نتيجة انضغاطها بين الأجزاء الصلبة من البدن ومكان الاضطجاع، وأكثر ما تحصل في المنطقة العجزية والإليتين وعند لوحي الكتفين وكعبي القدمين كما هو مبين بالرسم أسفل القرح، ولا وقاية من حدوث هذه القرح سوى تقليب المريض، بحيث لا يبقى بدون تقليب أكثر من (12) ساعة ، وقد تكون هذه هي الحكمة من تقليب الله عز وجل لأهل الكهف لوقايتهم من تلك الإصابة وإن كانت قصة أهل الكهف كلها تدخل في نطاق المعجزة.
وجه الإعجاز :
الأماكن المعرضة لقرح الفراش حيث لا يوجد بين مكان النوم و العظام غير الجلد و أنسجة ضعيفة
لم نعرف هذه الحقيقة العلمية عن تقليب المريض -الذي لا يستطيع تقليب نفسه- لم نعرفها إلا اليوم أو قل إن شئت في القرن العشرين أو قبله بقليل حتى لا نتهم بالمبالغة، وإذا كان ذلك كذلك فمن الذي أخبر محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قبل عشرة قرون من اليوم بهذه الحقيقة التي عجز عنها أهل الطب والاختصاص؟
هذه الحقيقة العلمية التي جاءت في سياق الخبر عن قوم أحبوا الله وأحبهم فنالتهم العناية الإلهية العظيمة التي لم تتوقف عند إنقاذهم من أعدائهم فحسب، بل تعدته إلى تقليبهم أثناء نومهم لئلا يصيبهم ما يصيب النائم لفترة طويلة دون تقليب، ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ ولم يذكر الجهات الأخرى لأن النوم على الظهر هو الأصل في النائم حيث مركز الثقل يكون فيه أكبر وأوسع.
جميع قرح وتقرحات الفراش، بغض النظر عن الموقع، يسببها الضغط لفترات طويلة على بروز عظمي يليها إعادة ضخ الدم في هذه الأنسجة، وبالتالي تنتج الكثير من الإصابات وخاصة عندما تكون هناك دورات متكررة. اذن قرحة الفراش هي عبارة عن تفتح بالجسم نتيجة لعدم تدفق الدم بشكل سليم وبالتالي موت طبقات من الجلد, وذلك لأن الجلد يكون تحت ضغط من الفراش أو الكرسي المتحرك أو أي سطح آخر غير مرن لفترة طويلة. ويكون غالبا بأسفل الظهر والأكتاف من الخلف و أكعاب الأقدام وذلك لوجود نتوء عظمي يضغط بفعل وزن الجسم على الخلايا والأنسجة مما يمنع عن هذه الخلايا التروية والتغذية المناسبة بسبب إعاقة جريان الدم في هذه الأنسجة .
يكون الجلد غني بالدم الذي يقوم بإرسال الأكسجين لباقي الطبقات. فإذا حدث توقف لإمدادات الدم للجلد لأكثر من 2 إلي 3 ساعات سيموت الجلد بداية من الطبقة الخارجية له. السبب الرئيسي لقلة عملية تدفق الدم في الجلد هو الضغط عليه. بالنسبة لتحركات الجسم العادية فهي لا تسبب ضغط علي الجلد وذلك بسبب تغيير وضع الجسم بشكل مستمر وبالتالي فإن تدفق الدم لا يتوقف لفترة طويلة. إن وجود طبقة دهنية تحت الجلد، خاصة علي منطقة العظام، تساعد علي عدم إغلاق الأوعية الدموية .
هذه الحقيقة العلمية التي جاءت في سياق الخبر عن قوم أحبوا الله وأحبهم فنالتهم العناية الإلهية العظيمة التي لم تتوقف عند إنقاذهم من أعدائهم فحسب، بل تعدته إلى تقليبهم أثناء نومهم لئلا يصيبهم ما يصيب النائم لفترة طويلة دون تقليب،﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾...
﴿وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد﴾ الوصيد تعني الفناء او باب البيت أما باسط ذراعيه فدليل على أن الكلب كان يستوي جالسا أمام مدخل الكهف متكئا على كوعه وأظافر أقدامه الأماميتين... وهذه نتوءات عظمية لا يحتاج أن يتقلب لئلا يصيبه تقرحات كما في البشر لانها مثل الأظافر ليست لها أوعية دموية و لكنها تستفيد من الأنسجة المحيطة بها .