وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

"وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"
سورة الذاريات الآية 49

أرشد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى النظر والتفكر في مخلوقاته, وجاءت تسمية هذه المخلوقات في القرآن الكريم بالآيات, والآيات هي العلامات البارزات الواضحات, وبالتالي فإن كل المخلوقات آيات كونية تدل على الخالق سبحانه. 
ومن تلك الآيات الدالة على وحدانية الله عز وجل آية الزوجية في كل المخلوقات, فقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق كل شيء في هذا الوجود في زوجية واضحة حتى يبقى هو سبحانه متفرداً بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه, يقول تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[الذاريات: 49], وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ﴾ [الزخرف: 12], والمقصود بالزوجية هنا الذكورة والأنوثة, يقول تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾[النجم: 45], ويقول تعالى: ﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾[القيامة: 39], ويقول تعالى: ﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾[الشورى: 50].

وجه الإعجاز:

أخبر الله تعالى في كتابه الكريم أنه خلق كل المخلوقات في زوجية واضحة قال تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[الذاريات: 49], فلكل مخلوق من المخلوقات في هذا الكون زوج يقابله, ومن هذه المخلوقات النباتات التي شهد القرآن الكريم بأنهما زوجان أحدهما ذكر والآخر أنثى, فقال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾[يس: 36], وقال تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الرعد: 3]. 
فقررت الآيات السابقة حقيقة علمية مهمة وعظيمة، وهي أن النبات أزواج, والمراد بهذه الزوجية الذكورة والأنوثة, وعندما نزلت هذه الآيات لم يكن أحد من البشر أو العرب يعلم أن النبات أزواج سوى النخيل الذي كان يعرف العرب أن منه الذكر والأنثى. 
ولم يكتشف أن جميع النبات أزواج إلا بالعلم الحديث, حيث ثبت أن كل نبات في المملكة النباتية إما أن يكون مذكراً أو مؤنثاً ويسمى ثنائي المسكن, أو يجمع بين أعضاء التذكير وأعضاء التأنيث على نبات واحد ويسمى أحادي المسكن, أو أن الأزهار نفسها تجمع بين أعضاء التذكير والتأنيث في زهرة واحدة وتسمى هذه الزهرة (زهرة خنثى). 
وعندما تحدث عدد كبير من المفسرين عن هذه الزوجية في النبات فسروها بأنها صنفان وشكلان ولونين ونوعان مختلفان؛ والذي جعلهم يتحولون إلى هذا المعنى من معاني الزوجية هو عدم تصورهم أن هذه الزوجية هي الزوجية الحقيقية, فلم يكن ذلك معروفاً في عصرهم, وبالتالي تحولوا إلى معنى آخر من معاني الزوجية لكي ينزهوا القرآن الكريم عن التعارض مع العلوم السائدة في عصرهم.
أما فى الجماد فهناك أيضا الذكر و الانثى و هذا موجود فى أجزاء و مكونات الخلية من بروتينات و أجسام مستقبلات على الغشاء الخلوى و لتكوين التفاعلات فيها لانتاج شئ معين يلزم وجود شحنة سالبة و شحنة موجبة و هذا ما يمثل الذكر و الأنثى و حتى فى الفلزات و المعادن فهناك الالكترونات و هى السالبة و النيترونات و هى الموجبة و لا يتم الجمع بينهم إلا باختلاف الشحنات .